نحن يا سادة نعيش في عالم وهمي!

نحن يا سادة نعيش في عالم وهمي!

هذه التدوينة في قسم: موليكيلو يتكلم جد December 20th, 2008

.

تكلمت كثيرا عن مدى التغير الذي طال عالمنا في العقدين الأخيرين بسبب الثورة التقنية الهائلة التي تطورت بشكل غير مدروس ربما!
و أنا اليوم لا أريد أن أكرر نفسي.. لكن أود فقط أن أتحدث عن أهمية ما أسميه “غياب قدسية الحقيقة” في عالم اليوم..

عندما تكتشف أنك تعيش في عالم لا تستطيع فيه من أن تتحقق من أهم الأمور حولك، تأكد أن عالمك هذا هو عالم مزيف و مخيف!

سأعرج و بإختصار على بعض أوجه غياب قدسية الحقيقية في حياتنا بسبب ما نعيشه من تقدم تكنولوجي مهول.

…….

لا قدسية للـ المعلومة
المعلومة في عالم اليوم هي معلومة “رخوة” بلا قدسية!
فالتطور التقني جعل من المعلومة “نصا هلاميا” قابل للتغير في أي لحظه..
بالإضافة إلى أن كثرة المراجع المتوفرة في الانترنت مثلا، و في ظل ضعف وسائل التحقق من مصداقية هذه المراجع، يجعل مسألة التحقق من صحة المعلومة أمرا غاية في الصعوبة..

على سبيل المثال.. يثق كثير من مستخدمي الانترنت بما يسمى بالموسوعات الرقمية على الانترنت مثل (ويكبيديا) كمصدر جيد للمعلومات، و على الرغم من أن المعلومة في هذا الموقع قابله للمراجعه من أي زائر للموقع (حسب نظام الويكي)، إلا أن الموقع يتبع أساليب و انظمة محددة في تحرير النصوص و المعلومات و يقوم بـ “توظيف” أناس ذوي خبرات ليعملوا كمحررين.

لكن هل تذكرون قصة الشاب Essjay أو Ryan Jordan الذي ظل لفترة طويلة يعمل محررا في موسوعة ويكبيديا بصفته أستاذ جامعي خبير و كبير في السن، بل انه حتى أجرى لقاءا عبر الانترنت مع الصحيفة الشهيرة The New Yorker بنفس هذه الصفه.. ليتم بعد ذلك اكتشاف حقيقته و أنه مجرد شاب “كاذب” لم يسبق له أن درَّس حتى أخوه الصغير!

صحيح أن ويكيبيديا قامت بطرده على الفور في العام الماضي فور اتضاح حقيقته، لكن يكفي أن نعرف أنه أمضى أكثر من سنتين يشطب و يضيف و يعدل في معلومات معقدة و عميقة و تفصيلية و في تخصصات متعددة.. و الكثير منا.. و أعني الكثيييير منا.. تلقى هذه المعلومات على أنها معلومات صحيحة و موثوقه!


Ryan Jordan

المشكلة كانت انه في الانترنت، و في هذا العالم البراغماتي العملي، لا تستطيع ويكيبيديا التحقق بشكل شخصي و حضوري من كل المحررين العاملين فيها!

………………

لا قدسية للـ الصورة
الصورة في عالم اليوم فقدت قدسيتها تماما!
فتقنيات معالجة الصور و قوة المعالجات حتى في أبسط أجهزة الكومبيوتر الشخصية اليوم، تجعل من أي صورة مجرد رسمة مرسومة بأقلام رصاص يمكن تعديلها بكل يسر و سهولة!

و لا أعتقد أن شخصا “واعيا” في عالم اليوم يقبل بأي صورة كمصدر “وحيد” لمعلومة أو خبر!
حتى القضاء اليوم بات لا يعتبر الصور دليلا ماديا كافيا لإصدار حكم بالإدانه!

و على الرغم من أني أعتقد بأني لست بحاجة لأن أورد أمثلة حول هذه الجزئية..
لكن دعونا نتذكر ما حدث في شهر جولاي من هذا العام، حين وقعت ايران في حرج كبير جدا بسبب سوء تنسيق بين وسائل الإعلام فيها..
بداية أدعوكم للتأمل في هاتين الصورتين لتجربة صواريخ إيرانية حربية، و هما بالمناسبة نفس الصورة:

يتضح تماما أنه في الصورة الأولى انطلقت 3 صواريخ من أصل 4، مما يعني فشل التجربة جزئيا..
بينما انطلقت كل الصواريخ الأربعة في الصورة الثانية!
الصورة الأولى تم نشرها في صحيفة Iranian daily Jamejam .. بينما تم نشر الصورة الثانية و في نفس اليوم في بيان رسمي عن تجربة إطلاق الصواريخ صادر من مكتب العلاقات العامة في حرس الثورة الإيرانية!!

و بالطبع، فإن ما ينطبق على الصورة الثابته ينطبق أيضا و بنفس الدرجة على الصورة المتحركة (الفيديو).

……….

لا قدسية للـ المكان ولا الزمان
فقد المكان و الزمان في عالم اليوم قدسيتهما الراسخه في كل العهود السابقة من التاريخ البشري. أصبحنا نسبقهما بوسائل التنقل و الاتصال المعقدة.
بل أن اختراعا مثل الـ tele-presence الذي طورته شركة Cisco المعروفة.. ربما قضى على ما تبقى من هذه القدسية!
أدعكم مع هذا المشهد:

YouTube Preview Image 

…………….

لا قدسية للـ الصوت
لن أتحدث كثيرا بهذا الخصوص.. فكل ما قلته عن الصورة.. ينطبق على الصوت.. حيث يصعب كثيرا التأكد من مصداقية الصوت.. الذي يمكن ببساطه تعديله و تغييره و بإستخدام وسائل متوفرة للجميع..
بل أن الانظمة التقنية العالية في عالم اليوم ساعدت حتى على سرقة المنظومات الموسيقية و تعديلها بشكل سهل و سريع.. مثلا:

Audio clip: Adobe Flash Player (version 9 or above) is required to play this audio clip. Download the latest version here.

أغنية لـ Craig David

Audio clip: Adobe Flash Player (version 9 or above) is required to play this audio clip. Download the latest version here.

أغنية لـ عمرو دياب

لا أعتقد أننا بحاجة لنفكر كثيرا حول من سرق التوزيع الموسيقي ممن! :mrgreen:

و ان كانت هذه الملاحظة الأخيرة ربما تندرج أيضا تحت غياب مصداقية النتاج الفكري كما سأتطرق لها في الأسفل.

…………

لا قدسية للـ النتاج الفكري و الأدبي
ما زلت أذكر تماما مقالة كتبتها في مطلع العام 2005م في منتدى (دار الندوة) الإلكتروني البائد و الذي كان يتتبعه و يشارك فيه عدد كبير من الكتاب و الصحفيين السعوديين.. كانت المقالة بعنوان (فتاوى كوارثية) و حظيت المقالة بالكثير من الجدل و النقاش..
و مازلت أذكر أيضا أن إعلاميا مشهورا قام بعد أسبوع من نشر مقالتي في الموقع بكتابة مقالة في صحيفة معروفة تطابق أفكار مقالتي تماما و بنفس تسلسلها الفكري و بدون الإشارة إلى مقالتي “الأصلية”.

و انا هنا لا ألمح إلى أنه سرق فكرة مقالتي و طريقة طرحها.. بل أتهمه اتهاما صريحا بذلك!
و ان كان الرجل قد ارسل لي بعدها بفترة رسالة الكترونية يشكرني على “أفكاري النيرة”..
عموما من ناحيتي لم أغضب كثيرا حينها فلو أني كنت أود أن تنسب المقالة لي لما كتبتها بإسم افتراضي..

السؤال الآن.. كيف أثبت حقي الفكري؟
أين دار الندوة الآن؟ من هو موليكيلو أصلا؟

هذا بالضبط ما أود قوله.. فلم يشهد التاريخ البشري اطلاقا وجود وسيلة يقوم ملايين البشر من خلالها بنثر ابداعهم الفكري للعالم من دون ضوابط و أنظمة واضحه و فعالة تضمن لهم حقوقهم الفكرية. مما يجعلننا نتشكك في مصدر أي نتاج فكري يصدر من أي كاتب أو فنان أو حتى باحث!

………

لا قدسية للـ العلاقات الإنسانية
العلاقات الانسانية في عالم اليوم هي إما واقعية “باهته”.. أو افتراضية “مريضة”!
فبوجود وسائل الاتصال المتعددة، لم يعد للمناسابات الاجتماعية حتى المهمة منها أي قدسية.. فقد أصبح العزاء يتم من خلال رسالة اس ام اس و تهنئة الزواج تصلك على شكل رسالة على صفحات الفيس بوك!
الحميمية غابت في العلاقات الانسانية الواقعيه في ظل وسائل اتصال مريحة و عالم يقدس المادة و الذات البشرية.

أما العلاقات الافتراضية.. فهي الكارثة الأعظم على العلاقات الانسانية…
لم يسبق للبشر أن أسسوا علاقات متعددة و متينة كما يحدث في عالمنا اليوم بهذا الشكل الافتراضي.. حيث لا يعرف أحد عن الآخر سوى معلومات منقوصة.. و في ظل هذا الاسلوب الجديد من التفاعل الانساني.. ظهرت و بشكل واضح و سريع مشاكل كبيرة في العلاقات الانسانية ربما لم يختبرها البشر مسبقا بهذه الحده..

فالاشخاص الذين تربطهم علاقات انسانية افتراضية، يقومون بإضاعة مئات و ربما ألوف الساعات من أعمارهم في التفاعل الانساني الإجتماعي البسيط (مثلا: كيف حالك؟ وش سويت؟ وش أكلتوا.. الخ) متناسين في كثير من الاحيان أن مثل هذا التفاعل يبقى منقوصا في ظل غياب الهويات الواقعية للمتفاعلين..

بالإضافة إلى أن الكثير الكثير من مستخدمي الانترنت مثلا يقومون بمحاولة ارضاء عقد النقص المركبة التي يعانون منها من خلال محاولة التعرف على شخصيات افتراضية و ادعاء الكثير من الامور غير الحقيقية ليعيشوا مشاعر أو حالات انسانية لا يستطيعون أن يعيشوها في حياتهم الواقعية..

شخصيا، ثبت لي و بشكل واضح بأن عددا كبيرا ممن تفاعلت معهم انسانيا بشكل مكثف من خلال علاقات افتراضية كانوا في أغلب الأوقات يكذبون، يخدعون، ينافقون، يجاملون، “يهايطون”، بل وحتى يتوارون خلف شخصيات افتراضية أخرى.. بمعنى قناع فوق قناع فوق قناع!
لذلك تبقى قناعتي الراسخه بأن العلاقات الإفتراضية هي علاقات في شكلها العام علاقات منقوصة ينبغي أن لا تأخذ حيزا كبيرا من حياتنا الواقعية.

لكني في نفس الوقت أعتقد أن الكثيرمن البشر في عالمنا اليوم أصبحوا يهملون علاقاتهم الواقعية على حساب علاقاتهم الافتراضية.. حتى أني لا استبعد أن يتم مثلا تغيير مسمى الموقع الشهير Second Life ليصبح First Life!

………..

بإختصار..
نحن يا سادة نعيش في عالم وهمي!

Audio clip: Adobe Flash Player (version 9 or above) is required to play this audio clip. Download the latest version here.

! W H A T . T H E . H E L L . I S . G O I N G . O N

شوكرن :)

_______________________________



  

Responses to “نحن يا سادة نعيش في عالم وهمي!”

  1. anosah
  2. son moleculo
  3. sweetheart
  4. TALAL
  5. be7ar
  6. Amal
  7. sahab
  8. sarah2007
  9. BSH
  10. samt almasha3er
  11. Rana
  12. RaKaN
  13. Q
  14. Ymn Pearl
  15. the desert voice

ورى ما تسدح تعليق؟ .. ترى ببلاش..

معليش يا عزتي لك.. لازم تسجل دخولك عشان يمديك تسدح تعليقات.