أماكن سكنتني.. The Great Fosters

أماكن سكنتني.. The Great Fosters

هذه التدوينة في قسم: موليكيلو يتكلم جد June 3rd, 2010

.

Audio clip: Adobe Flash Player (version 9 or above) is required to play this audio clip. Download the latest version here.

كنت محظوظا منذ أن استقريت في انجلترا طلبا للعلم.. أن سكنت في إحدى أعرق مناطق العالم و أكثرها فخامة و زخما.. منطقة صغيرة تبعد عن لندن ما يقارب الـ 50 كيلومترا في الجنوب الغربي..

هنا – حيث عشت عشرينيات عمري التي قاربت على الانتهاء – عالم فكتوري جميل سكنني أكثر مما سكنته.. حتى أنني دائما أشعر بأني أعرف المكان هنا حتى قبل أن أراه.. و لولا إيماني لظننت أن روحي قد سكنت هنا في أزمنة غابرة..

حيث سكنت لا تكاد تجد بقعة لم تحتضن حدث تاريخي هام.. أو تمثال ملكي شهير.. أو منازل لعظماء و أدباء و مفكرين..
حيث سكنت يمكن أن تشاهد أعمدة روما في قلب الغابات المنتشرة في كل مكان.. في مشهد نادر جدا يعيد للأذهان أحداث قد مرت على هذه الأرض في القرن الثاني للميلاد حين جاءت جيوش روما تبشر بالمسيحية و تحاول استعمار جزيرة منسيه..

هنا تسكن الملكة أغلب الوقت.. هنا يقطن صناع القرار في العالم..
هنا مركز الأرض!

لن أسهب أكثر.. فلو فعلت.. لن أتوقف حتى يغلبني النعاس..

.

.

من جملة تلك الأماكن العديدة التي احتضنتني لسنوات.. سأحكي لكم في هذه التدوينة عن قصر الـ Great Fosters.. و الذي أصبح فندقا منذ ما يقارب الثلاثين عاما..

.

أثناء انكبابي على كتابة رسالة الدكتوراة (الكلام هذا من سنوات..  و بالمناسبة لقد تحصلت على الدكتوراة منذ زمن طويل و الحمدلله).. أحسست اني بحاجة لمكان مريح و هادئ لكن في نفس الوقت لا يبعث على الملل و السآمة.. و حينها لا أعرف لماذا خطرت ببالي فكرة أن أكتب رسالتي في حديقة قصر الـ Great Fosters و الذي كنت سبق أن زرته لمرات قليله قبل ذلك..

أخذت حقيبتي المتخمة بالأوراق و الأقلام.. و محفظة السيجار.. و دلفت الى القصر من خلال بابه الخشبي الصغير في باكورة صباح اليوم التالي..

و هناك.. استقبلني طاقم الضيافة الفرنسي ببشاشتهم المعهودة.. و طلبت فطورا خفيفا.. لأبدأ بعد ذلك رحلة كتابة رسالة الدكتوراة.. و التي انتهت بعد أشهر من ذلك اليوم.. في نفس المكان و على نفس الطاولة!

و أعتقد أن السر في سرعة انتهائي من كتابة رسالتي كان بعد توفيق الله هو في الجو الرائع الذي حظيت به في القصر..
فالمكان حالم.. و الضيوف لا يقلون أناقة ولا بشاشة عن المضيفين.. و الأكل هو أروع ما يمكن أن تأكله في حياتك..!
أما مدير الفندق (الـ مسيو دانيال) و الذي أصبح صديقا عزيزا في أيام قليله فقد كان يوفر لي مناخا من الرفاهية كان يشعرني معه بخجل شديد.. و على فكرة سر صداقتي السريعه و القوية معه كان السيجار الذي نحب الحديث عنه دائما!

بالمناسبة.. أنا الشخص الوحيد – حسب ما أكد لي الجميع لاحقا – الذي كان من المسموح لي أطلب الغداء أو العشاء في الحديقة الخارجية و كان الشيف بنفسه يقدم لي الأطباق في غير مره!
لم أكن أعلم أن هذا استثناء أمر به دانيال.. إلا بعد شهور من كتابتي لرسالة الدكتوراة!

في نهاية رحلة كتابة الرسالة أصبحت واحدا من طاقم الفندق.. حتى أن بعض الموظفين في القصر كانوا يأخذون عني أخبارا تتعلق بمشاريع قادمة في القصر.. الكل هنا يعرفني.. و الكل يحترمني “بزود” ربما.. فأنا صديق المدير!

أيضا لا أود أن أسهب في الحديث عن تلك الأيام..
فبالإضافة إلى أني لا أريد أن أتسبب لكم بالملل.. فإن تلك الأيام تحمل ذكريات جميلة أعرف أني سأحزن ان تذكرتها و قد انتهت..
فقط سأعطيكم نبذة تاريخية مختصرة جدا عن القصر.. و بعدها سأشارككم صورا التقطتها في القصر قبل أيام..

قصر الـ Great Fosters بدأ تشييده قبل ما يربو عن الـ 500 عام في قلب غابة ويندزور أو Windsor Forest.. و من هنا يقال أن كلمة Fosters و التي تطلق على المنطقة التي تضم القصر هي تحريف لغوي لكلمة Foresters أي سكان الغابة..

أمتلك هذا القصر نخبة من أشهر الشخصيات السياسية.. بدءا من مستشاري الملوك و اللوردات و ليس انتهاءا بأفراد الأسرة الملكية البريطانية..
و منذ أن تحول القصر الى فندق في سبعينيات القرن الماضي أصبح مزارا للمشاهير من نجوم السياسة و الفن و الرياضة في العالم.. حتى أنك من شبه المستحيل أن تتمكن من حجز أحد أجنحة الفندق الكبيرة (من جد ترى).. فهي محجوزة لأعوام قادمة!

حافظ القصر على طابعه المميز بشكل يثير الدهشة.. مثلا..
الخشب في القصر هو نفس الخشب الموجود فيه منذ أكثر من 400 عام..
الأثاث لم يتغير من مئات السنين (فقط يتم تنجيده و صيانته من فترة لأخرى).. و السجاد لم يتغير منذ أكثر من مئتي سنه..!
حتى العام الماضي كان العاملين في القصر ملزمين بلبس زي خدم القصور في القرن السادس عشر الميلادي..
و حتى عام 2002م لم يكن مسموحا استخدام مصابيح الاضاءة الكهربائية داخل القصر.. فقط شموع و قناديل!
الحكومة الزمتهم بالإعتماد على الإضاءه الكهربائية بعد قانون يمنع الاعتماد على الشموع للإضاءة في المباني المغلقة لأنها قد تسبب حرائق..

تدرون كيف.. اللي يبي معلومات زود يزور موقع القصر.. أو يقرأ هالملف (اضغط هنا).

خلوني بس اسدح الصور.. و اعلق عليها..

.


القصر من الخارج
.

.


أول ما تدخل المكان ستسحرك رائحة الحطب الممزوجة بخشب السيدار و المهاغوني و أخشاب الصنوبر و البلوط.. الأثاث و السجاد اللي تشوفونه في الصوره عمره مئات السنين
.


البيانو العتيق و الشهير هنا.. سابقا كان من الممسموح أن يعزف الزوار عليه.. لكن بدءا من العام الماضي منع ذلك
.


الخشب القديم في كل مكان.. احساس لا يوصف!
.


النقش الجميل على السقف حافظ على جماله على امتداد مئات السنين التي مرت عليه
.


ودي أتكلم مره ثانية عن رائحة المكان.. هنا رائحة مشب جدي رحمه الله.. نفس رائحة الحطب و نفس رائحة الخشب.. لا تتخيلون الكم الهائل من الذكريات الذي قد تستمطره في أذهانكم رائحة سبق و ان مرت عليكم قديما..
.


حديقة القصر الخلفية
.


القصر كما يبدو من الخلف
.


شاهد الحديقة قديم جدا جدا.. لكن اللي أعجبني بهالصورة اني لقطت الطيارة في السما.. قصم اني بطران..
.


الحديقة ممتدة على مد البصر.. كم تتوقعون كم مساحتها؟.. 50 هكتار .. يعني عشرات الكيلومترات!
.


الجسر الخشبي الرائع فوق المجرى المائي.. بالمناسبة المجرى المائي هذا هو أقدم شئ تم بناؤه في القصر.. يقال انهم ابتدأو بشقه متفرعا من مجاري نهر التيمز الشهير قبل ما يقارب الـ 800 عام!
.


علم انجلترا.. وطن الأسود الثلاثة.. فوق القصر..
.


واحد من أربعة تماثيل في دهاليز الحديقة
.


على فكرة ياما مشى فوق هالجسر معاريس.. القصر شهير بإستضافة الأعراس..
.


الجسر مره ثانية.. بس ابوريكم اني مصور خطير و كذا.. :mrgreen:
.


تشوفون البطه اللي في الصورة ذي؟ .. ياما تلاقطت انا وياها يا أنها قلق.. أخلاقها سياحيه.. أي أحد يمر من عندها تحسبه يبي عيالها.. من زينها هي و عيالها (هد أعصابك يابو الشباب).. :mrgreen:
.


خشب الحاجز في الصورة عتيق جدا.. لدرجة انه متآكل..
.


My cigar aficionado: Monsieur Danial

على فكرة جعله ما يوصف لكم طبق بلهجته الفرنسية.. عذاب.. دايم أسأله وش طابخين على الغدا أو العشا (طبعا المنيو فيها ثلاث أطباق فقط: نوع واحد فقط للمقبلات و آخر للطبق الرئيسي و آخر للتحلية).. فيتحمس أبو دندل (أسميه كذا).. يجلس يقول: وييل مسيوو وي هاف زس انكيغدابول ديش اوف سوفت كغيم اوفغ قغليد داك.. قسما بالله ما يكمل جملتين الا ابدا أتمطق.. و اقوله احجز لي طاوله بس.. لو يوصف أي أكله بالعالم تطلع جدا شهية!
.


ألذ طبق حلى أكلته في حياتي بدون أدنى منافسة.. على فكرة تراه موب في المنيو.. و يبي له حب خشوم عشان يسويه الشيف.. اعداده ياخذ على الأقل نص ساعه.. لكن والله يستاهل الواحد يحتريه لو سنوات! .. هالطبق على فكره يعتبر من أسرار المكان و ما يعرفونه الا قله.. لكن يالله خربت السر.. أشوى ان أبو دندل ما يقرا عربي! :mrgreen:
.


ألذ هامبورجر في تاريخ البشرية.. تراي والله ما أبالغ.. أذكر واحد من الأصدقاء زارني و نصحته يجربه لأننا ما لحقنا على منيو الغداء.. و من شدة ما أعجبه مر القصر قبل ما يسافر.. و أخذ له كم هامبورجر و حطهم في حافظة عشان ياكله لما يرجع! .. هو خبل أكيد.. بس ما ينلام! :mrgreen:
.

أتمنى ان التدوينة جازت لكم…

و رجاءا علموني اذا كنتم تبون تدوينة ثانية عن مكان آخر.. تراي والم و الأماكن كثيرة!

شوكرن :)

_______________________________



  

Responses to “أماكن سكنتني.. The Great Fosters”

  1. TALAL
  2. Mr.3lbah
  3. ohoud
  4. nofah
  5. Pure smile
  6. Souma
  7. khaled
  8. azoz
  9. tart
  10. info
  11. khawlla
  12. tote
  13. meme
  14. sweetheart
  15. ODi
  16. 7o7o
  17. a7la 7ala
  18. PURITY
  19. SuPer Woman
  20. maissan
  21. M R A 7 B
  22. No_more
  23. lamia
  24. Bashar

Trackbacks

  1. Tweets that mention ط£ظ…ط§ظƒظ† ط³ظƒظ†طھظ†ظٹ.. The Great Fosters -- Topsy.com

ورى ما تسدح تعليق؟ .. ترى ببلاش..

معليش يا عزتي لك.. لازم تسجل دخولك عشان يمديك تسدح تعليقات.