.
Audio clip: Adobe Flash Player (version 9 or above) is required to play this audio clip. Download the latest version here.
يُعرّف قاموس أكسفورد للغة الإنجليزية كلمة Bureaucracy أو ‘بيروقراطية‘ بأنها إجراءات إدارية معقدة جدا!
هذه الإجراءات بالعادة لا تبدأ معقدة.. إلا أنها تكتسب صفة التعقيد مع مرور الزمن.. حيث ترث الإدارة إجراءاتٍ سابقة وتحافظ عليها دون أسباب مقنعة.. قبل أن تضيف إليها إجراءات جديدة.. فتصبح الاجراءات بمجملها من التعقيد لدرجة أنها تـُفقد العمل الهدف الذي بدأ من أجله..
البيروقراطية تجعل الحياة أصعب.. و الاجراءات المعقدة قد لا تكون مفيدة أو حتى ذات معنى في الكثير من الأحيان..
البيروقراطية هي تكلف و تعقيد لا مبرر حقيقي له..
.
على النقيض..
هناك العراقة.. والتي يُعرّفها قاموس المعجم الوسيط بـ الأصالة!
والأصالة تقتضي المحافظة على كل ما هو عتيق و المحافظة عليه.. بل والإعتزاز به.. حتى وإن كان هذا العتيق هو إجراءات أو عادات من الماضي قد لا تكون ضرورية في الحاضر..
العراقة هي دليل حضارة عتيدة.. وثقافة أصيلة.. و رقي معرفي..
.
.
.
المحافظة على الأصالة قد تؤدي إلى بيروقراطية.. والبيروقراطية قد تستمر بدعوى أنها عراقة..
والخيط الرفيع بينهما قد يصعب على الكثيرين رؤيته..
و بما أن بريطانيا هي وطن البيروقراطية.. و وطن العراقة أيضا.. سأورد في هذه التدوينة أمثلة من الواقع البريطاني على البيروقراطية و العراقة.. كما أراهما..
.
.
.
ينص البند 51 من قانون تنظيم مرور عربات النقل الخفيفة التي تجرها الخيول في لندن (والتي كانت بمثابة التاكسي حاليا) أوthe London Hackney Carriage Act والصادر في العام 1831م، ينص على أن صاحب العربة ملزم بحمل حزمة من التبن في مؤخرة العربة وذلك لإطعام خيول الـ hackney الهزيلة و التي كانت تستخدم لجر العربات في ذلك الوقت.
الغريب في الأمر أنه استمر العمل بهذا القانون حتى بعد اعتماد استخدام مركبات النقل الميكانيكية (السيارات) كعربات تاكسي في لندن في العام 1903م!
أي أن قائد سيارة التاكسي في لندن كان ملزما بحمل حزمة من التبن في مؤخرة سيارته، و في حال لم يلتزم بذلك كان يحصل على مخالفة!
بل والأسوأ من ذلك أن نفس القانون كان يلزم أصحاب عربات النقل بربط العربة أثناء الانتظار في صف عربات النقل taxi rank أمام الأسواق وغيرها.. فكان قائد سيارة التاكسي في لندن مضطرا لربط سيارته وهو ينتظر زبائنه وإلا تحصل على مخالفة!
كما أن الحكومة كانت ملزمة بتوفير سطول الماء التي تشرب منها الخيول عادةً في كل صف لعربات النقل!
استمر العمل بهذا القانون حتى العام 1931م!
حيث امتنع قائدوا سيارات التاكسي في ذلك العام عن الالتزام به لكونه غير منطقي!
ليدخلوا بعد ذلك في جدل قانوني كبير مع الحكومة لم ينتهي إلا في العام 1976م حين تم الغاء هذا القانون!
الالتزام بمثل هذا القانون طوال تلك الفترة يمثل بيروقراطية مقيته جدا في رأيي!
وبالمناسبة، يقال أن هناك قانونا مشابها في أستراليا ولم يلغَ حتى الآن!
ربما يهمكم أن تعرفوا أن فرنسا اعتمدت استخدام السيارات كعربات نقل بأجرة (تاكسي) في العام 1899م أي قبل بريطانيا بأربعة أعوام.. فيما لم تعتمد هذه الوسيلة في أمريكا حتى العام 1907م.
.
.
.
هذه الواقعة شاهدتها في فيلم وثائقي عرض على قناة الـ BBC قبل أكثر من 5 سنوات.. لكني للأسف لم أعد أذكر اسم الفيلم، ولم أجد مصدر لها في الانترنت.. إلا أني سأرويها كما أذكرها..
في أحد الأزقة الضيقة في منطقة عادية جدا وسط لندن يوجد جدار عادي كباقي الجدران.. إلا أن هذا الجدار كان يحظى بحراسة طوال اليوم بواسطة رجل أمن مخصص فقط لهذه المهمة!
لماذا تتم حراسة هذا الجدار؟! .. لا أحد يعرف!
عقود تتوالى وحراس يتعاقبون على حراسة هذا الجدار.. دون أن يعرف أحد سبب ذلك!
لكن الذي كان معروفاً أنه بحسب مخططات توزيع رجال الأمن في المدينة والتي تعتمدها الشرطة توجد وظيفة مخصصة لحراسة هذا الجدار..
استمر هذا الوضع حتى العام 2005م.. حين قام رجل الأمن الشاب المكلف بحراسة الجدار بالتساؤل عن مبررات المهمة الموكلة إليه.. ثم قرر البحث في أصل هذه الوظيفة ومتى أقرت..
وبعد بحث مضني في سجلات الشرطة القديمة.. توصل أخيرا إلى حل لغز حراسة الجدار!
حيث وجد خطابا من مدير الشرطة إبان الحرب العالمية الثانية يأمر بتخصيص رجل أمن لحراسة نفس الجدار حيث أنه كان يدهن بطلاء جديد آنذاك وكان بعض الصغار يقومون بتخريب الطلاء بلمسه وكشطه!
واضح تماما أن أمر التخصيص كان يراد له أن يكون لفترة محدودة.. حتى يجف الطلاء!
إلا أنه على ما يبدو أن من تلقى الأمر قام بإدراج وظيفة مخصصة لذلك في مخططات توزيع رجال الأمن..
استمر ذلك لأكثر من ستين عاماً!
هنا تتجلى البيروقراطية بأبشع صورها..
بالمناسبة، تم إلغاء هذه المهمة في العام 2005م.. بعد أن أوضح رجل الأمن المكلف بحراسة الجدار الأسباب الحقيقية لمهمته وأقنع المسؤلين بعدم جدواها الآن..
.
.
.
في عام 1860م خرج وزير مالية بريطانيا آنذاك السيد ويليام غلادستون من الباب الأمامي لمقر وزارة المالية 11 Downing Street وهو يحمل حقيبة جلدية حمراء يحمل بداخلها ميزانية العام وهو ذاهب لمناقشتها في البرلمان.. كان غلادستون قد أمر بصناعة هذه الحقيبة خصيصا لهذا الغرض..
منذ ذلك الوقت وحتى العام 2010م استخدم كل وزراء مالية بريطانيا المتعاقبين نفس الحقيبة لنفس الغرض (مع استثناءات بسيطه سآتي عليها)!
أي أن كل وزير مالية في يوم مناقشة الميزانية في البرلمان يخرج من باب 11 Downing Street متوجها للبرلمان وحاملا نفس الحقيبة! .. نفس الحقيبة استخدمت 150 عاماً!
ونستون تشترشل يحمل نفس الحقيبة عندما كان وزيراً للمالية
وزير المالية الحالي (جورج أوزبورن) يحمل حقيبة غلادستون في العام 2010م
لم يلتزم وزيرا المالية جيمس كالاغن (1964 – 1967م) و غوردون براون (1997 – 2007م) باستخدام نفس الحقيبة.. بل قام كل واحد منهما باستخدام حقيبة جديدة خاصة به.. إلا أنه في كل مرة كان الوزير اللاحق يعود لإستخدام حقيبة غلادستون..
غوردون براون يحمل حقيبته أمام باب 11 Downing Street
في نهاية العام 2010م تمت إحالة حقيبة غلادستون العريقة إلى التقاعد نظراً لاهترائها بشكل كبير أصبح معه استخدامها أمراً صعبا.. وهي الآن موجودة في المتحف الحربي البريطاني..
كما أمر وزير المالية الحالي بتصنيع حقيبة جديدة مطابقة لحقيبة غلادستون ليتم استخدامها عوضا عنها.. و قام بالفعل باستخدامها..
وزير المالية الحالي جورج أوزبورن يحمل الحقيبة الجديدة في العام 2011م
للمزيد حول الحقيبة و الميزانية البريطانية أنصحكم بمشاهدة هذا المقطع القصير جدا والمعد من قبل وزارة المالية البريطانية..
هذا الاجراء المتمثل باستخدام نفس الحقيبة طوال كل هذه الفترة.. أرى أنه اجراء عريق ويدل على الاعتزاز بتاريخ مشرق!
لا أرى فيه بيروقراطية أو تعقيد.. بل على العكس.. تبسيط رمزي جميل لأمر ضخم وهام..
بالمناسبة، العديد من الدول قامت باتباع هذه “العادة” البريطانية، لكن لا أعتقد أنهم وجدوا نفس الزخم..
_________________
بقي أن أسألكم..
برأيكم.. أين يكمن الفرق بين البيروقراطية و العراقة؟
شوكرن!
_______________________________
معليش يا عزتي لك.. لازم تسجل دخولك عشان يمديك تسدح تعليقات.
مدونه جميله جدآ ومعلومه جديده
أجل يحرسون الجدار مدة 60 سنة والصبغ

ناشف من 3 يوم
ي زين بيروقراطيتهم عند بيروقراطية ربعنآ آللي بديره
دمت مبدع عزيزي د.مولي
كتابة رائعة ومشيقة ومعلومات جميلة وجديدة بالنسبة لي. شووكرن©
اولاً يسعد لي مساك يابوب

ثانياً مرة ضاق صدري يوم غيرت كلمة الاسبوع
يعني يوم بقى اقل من اربعين يوم وتكمل سنه تقوم تغيرها
نجي للتدوينه الجميله والخفيفة كالنسمة اللطيفه
معلومات بسيطه غير متكلفة لكنها رائعة وذات معنى وحدث
يكفي انها من صياغتك واختياراتك ربي لايحرمنا منك
تدوينة مميزة يابو جود مثل ماتعودنا منك في المدونة
ياليتك ذكرت ميزة نظام البيروقراطية وهو جودة المنتج ، لأن طول الإجراءات تجعله منتجاً جيداً
لكن بشرط أن يكون استخدامه في الوقت المناسب
والظاهر عندنا ماينفع
مدونه اعجبتني جداا
أين يكمن الفرق بين البيروقراطية و العراقة؟
بالعقل والتفريق والمنطق طبعا
معليش زي التاكسي والتبن وش هالغباء !
ولا صح على اساس حرام لو جاعت السياره ااكلها تبن وتمشي !
ولا لو عطشت القى سطل مويه باقرب موقف
نقدر نحافظ ع العراقه بدون ربطها بالبيروقراطيه مثل ماقلت لك لو الواحد يستخدم عقله ويفتحه ويفكر بالمنطق
أعتقد الفرق أن البيروقراطيه مالها فايده وقد تكون مضره, صح أن العراقه مالها فايده برضو باستثناء الرمزيه والحفاظ على التاريخ إلا إنها غير مضره
زي المراسم الملكيه ما اعتقد لها أي فايده بس تضييع للوقت وأموال الدوله, قد تكون بدأت كعراقه لكنها تحولت إلى بروتوكولات وبيروقراطيه.
ومن البيروقراطيه وضع إشارة عدم التدخين في الطيارات وهو ممنوع أصلاً ومع هذا وضع كاشف الدخان في الحمامات, وكذلك خرافة إطفاء الأجهزه مع انه ثبت أن إبقاءها شغاله لاتضر بأجهزة الملاحه.
العراقة تشمل جميع العادات والتقاليد التي تكوّن هوية المجتمع وتاريخه.
تاكسي لندن .. والتبن!
باعتقادي انها امتداد للحديث عن التكنلوجيا وجدالها الطويل اللذي يختصر في سوال هل التكنلوجيا تقود البشر او البشر تقودها؟
عشان الواحد مايمسك خط بالفلسفه << اتكلم عني
الناس في عده امثله وجدت صعوبه في تلقي الجديد او في التعامل معه
مثال على وانا عجل يمكن يوصل الفكره
قبل استخدام الايميل كان الموضفون في الشركات الكبرى يعتمدون على الرسائل والمذكرات
ترسل المعامله ورقيه الى فلان من الموضفين ثم يضع عليها ويرسلها الى الاخر وهلم جرا
لما بدا استخدام الايميل الالكتروني
لازال الموضفون يستخدمون الطريقه القديمه ولكن استخدمو الايميل فقط اداه توصيل بدال التكعيب بالاسياب والدرج
كانو يكتبون المعامله ورقيا ثم يرسلها الموضف الى السكرتير حتى يكتبها بالايميل بعدين يرسلها
المشكله ان المستقبل يروح يطبع الايميل ويشرح عليه ويرسله لسكرتسره يكتبه ويرسله ايميل
القصه واقعيه نقلا عن برفيسور روبرت جامعه رويال رودز فكتوريا كندا
المهم اللي بوصل له يمكن تكون التكسي والتبن علاقتها بعيده عن البورقراطيه وانما اقرب لتلقي الناس للتكنلوجيا واستبدال ما اعتادو عليه.
والعاده تعتبر عراقه ايضا اذا توارثها الاجيال
لكن من وجه نظري انها تعتمد على النوع المستخدم او الطريقه وعلى تعريف العريق في مكان ما يختلف عن الاخر.
اول شي ذكر الله ( بسم الله الرحمن الرحيم )
ثاني شي ادعوا الله سبحانه ان يحفظك من كل نفس وعين ( ما شاء الله تبارك الله )
عجبتني المدونه والربط بين التاريخ والاداره …البيروقراطيه هي كلمتين ( البيرو…مكتب بمعناها) وهي تشمل المكتب في وزاره ومستشفى ومدرسه واي جهه حكوميه وخاصه
( وقراطيه ) تعني السلطه وبجمع الكلمتين تعني قوة او سلطة المكتب
العراقه هي الاصاله شي متوارث من اجيال سابقه وهي شي جيد اذا لم تكن عائق في وجهه الجديد النافع…وايضا هي اثبات وترسيخ لجودة الشي مثل الصناعات الالمانيه في تميزها وخاصه في السيارات
واستفدنا من قصة الشرطي ..بعد 60 سنه استطاع ان يغير شي …مؤثره ولو اني كنت اشك ان فيه سبب ثاني يمكن المكان كان فيه شي تتم حراسته في ذاك الوقت
بس اللي عرفته ان الانجليز عندهم وفاء واخلاص قوي..لقيمة الحيوان وحتى الحقيبه بانهم ظلوا يطلبون من اصحاب السيارات ان يحملون ( التبن ) اعزكم الله وحتى سطل الماء
ظلوا وفيين للحصان والحمار لانه سنين كان حاملهم وحتى الجنطه ( الحقيبه ) ما نسوا فضلها عليهم اعتزازهم بقيمة الشي تعجبني وهذا يتوارثونه لاجيالهم وراح يكون عندهم ولاء واعتزاز وفخر ببلدهم وكل ما فيها …
استفدنا وااااااااااااايد واااااااااايد وذكرتني كان عندنا جهاز اسطوانه رائع ومحافظين عليه وقديم جدا جدا واتحسف انهم باعوه
سلمت يداك على ما كتبت
صباحكم خير
موضوع شيق كعادتك د.مولي في الطرح
أشوف الفرق بين العراقه والبيروقراطيه انو العراقه تكون بالمحافظه على الشي اللي يستنهض القيم الجميله في النفوس
وزي ماقلت ( قد لاتكون ضروريه ) لكن ممكن تذكرهم في عصر أحبوه او شخصيه مؤثره او غيرها .. ويكون الاهتمام نابع من الداخل وهالشي جميل جدا لانه يعتبر من /الوفاء/
بينما البيروقراطيه تعتبر ممارسه فوقيه لا معنى لها و ماهي الا تعقيد لسير الحياة التي يفترض أن تعاش بكل بساطه .
البيروقرآطية .. بأبشع صورهآ هي دليل تخلف الأمم
العرآقة .. بجآنب التمآس كل أدوآت التطور فهي دليل تحضر الشعوب
رآيق انت يآ مولي ,,
تدوينة جداً رائعة
” تكسي لندن و التبن ” !
” استخدام الحقيبه الـ 2010 بالرغم من اهترائها ” !
برائيي شيء جميل الاحتفاظ بالعراقه لكن بعقل وبمنطق و بدون ربطها بـ البيروقراطية
ربطهم ببعض اكثر تعقيد ..
شكراً د/ مولـــــــي بانتظار جديدك
موضوع لا بأس به
بالضبط نفس ما قالبعض الإخوة..
اذا كانت بلا منطق، فهاذي هي البيروقراطية كما فهمتها منك.
اما اذا كانت بمنطق وعقل، وليس في الإحتفاض بها مضرة، فهاذي هي العراقة.
جميله جدا تدوينك
