.
.
إن كانت إجابتك على السؤال الوارد في العنوان هي نعم..
فربما ستعيد التفكير بإجابتك بعد أن تفرغ من قراءة هذه التدوينة!
.
في البداية أود أن أنوّه بأني لست من المتحمسين لنظريات تطوير الذات وما تؤصل له من فرضيات حول أساليب النجاح و سبل السعادة و طرائق الإبداع وغيرها.. وذلك لسبب بسيط.. هو ان هذه النظريات في الغالب تفتقد إلى الإثبات العلمي الصحيح.. وأنا أؤمن جدا بالعلم!
لذا فإن ما سأشير إليه في هذه التدوينة هي نظريات علمية تم الاستدلال إليها من خلال بحوث حصيفة وبواسطة أكاديميين متخصصين..
.
.
قرأت مؤخرا عن نظرية شهيرة حول (السعادة) غيرت مفهومي تماما عنها!
فنظرية الـ Hedonic treadmill (أو جهاز سير المتعة) التي توصل إليها الباحثان بريكمان و كامبل في بدايات السبعينات من القرن الماضي تنص على أن معدل مستوى السعادة في حياة الإنسان هو في الغالب ثابت!
قد يمر الإنسان بأزمات و مشاكل تقلل من هذا المستوى..
أو يمر بمكاسب وإنجازات تزيد منه..
إلا أنه – وبحسب النظرية – فإن هذا التذبذب في مستوى السعادة هو تذبذب مؤقت لن يستمر إلا لفترة محدودة قبل أن تعود السعادة إلى مستواها الأصلي الثابت!
فمثلا عندما يكسب الإنسان مالاً وفيراً فإنه وبعد إرتفاع مستوى السعادة لديه لفترة محدودة يبدأ برفع سقف طموحه وتوقعاته لكسب المزيد من المال مستقبلاً مما يتسبب بإعادة مستوى السعادة إلى وضعه السابق..
سبب تسمية هذه النظرية بهذا الإسم هو لتصوير من يبحث عن المزيد من السعادة في الحياة كمن يمشي على جهاز السير: يسير كثيرا لكنه لن يصل لأي مكان آخر! .. فالانسان يعمل كثيرا للحصول على مزيد من السعادة إلا سعادته تبقى دائما بنفس المستوى..
.
ثبات مستوى السعادة في حياتنا يفرض تساؤلا مهما حول سبب ذلك!
هل للجينات مثلا تأثير كبير على مستوى السعادة؟
الإجابة على هذا التساؤل الأخير تأتي من خلال العديد من الأبحاث العلمية الرصينة – كبحث ليبوميرسكي، شيلدون، و شتشكيد (إضغط هـنـا) – بأن 50% من مستوى سعادة الإنسان سببه جيني!
وبحسب هذه الأبحاث فإن هناك 3 عوامل تحدد مستوى سعادة الإنسان:
1- الجينات (بنسبة 50%).
2- الظروف و المؤثرات خارجية (بنسبة 10%). كأن تتلقى هدية أو أن تتعرض لحادث سير.
3- الأفعال الإرادية (بنسبة 40%). كأن تقرر أن تستمع لموسيقى هادئة أو أن تشاهد فيلما حزينا أو حتى أن تأكل لوح شوكلاته.
إذاً نستطيع أن نستنتج أن 60% من مستوى سعادتنا تحدده عوامل لا نملك القدرة على التحكم بها أو تغييرها..
أي أن مستوى سعادتنا في معظمه تحدده عوامل لا إرادية!
قد تجد سعادتك في أبسط التفاصيل حولك.. مثلا في التأمل بقطعة سكر جميلة.. بعدستي..
من الدراسات التي تؤكد على صحة ما ذكرته حتى الآن.. دراسة أعدها الباحثان ليكن و تيليجن في العام 1996م، وخلُصَت إلى أن العامل الجيني يؤثر في مستوى سعادة الانسان بنسبة تتراوح ما بين 44% إلى 52%!
هذه الدراسة استغرق العمل عليها 10 سنوات!
ومنهجيتها كانت كالتالي:
تم توزيع إستبانات معدّة بشكل مدروس لتحديد مستوى السعادة و الرضا العام على 1093 مجموعة من التوائم “المتطابقين”.. وبعد تعبئتها، وجد الباحثون أن مستوى السعادة لدى التوائم شبه متطابق! .. انتظر الباحثون 10 سنوات، قاموا خلالها بمحاولة التحكم في عوامل عديدة كي يميزوا حياة كل توأم عن توأمه من خلال التأثير على مستوى الدخل و المستوى التعليمي و حتى المعتقدات الدينية.. ليقوموا مرة أخرى بعد انقضاء العشر سنوات بتوزيع نفس الاستبانات على نفس المجموعات.. و كانت النتيجة صادمة!
تطابقت الإجابات لكل مجموعة من التوائم بنسبة من 44% إلى 52%!
على الرغم من أن كل توأم أمضى هذه السنوات العشر في ظروف مختلفة تماما عن توأمه!
.
هناك أيضا دراسة أخرى قام بها الباحثان دينر و فوجيتا في العام 2005م، حيث طلبا من 3608 ألمانياً أن يقيّموا مستوى سعادتهم ورضاهم عن حياتهم بإختيار رقم من 1 إلى 10 (1 تعني غير سعيد أبدا، و 10 تعني سعيد تماماً) بشكل سنوَي و لمدة 17 عاماً!
ولاحظا في نهاية الدراسة أن مستوى السعادة و الرضا هو تقريبا ثابت لـ 75% ممن شملتهم الدراسة!
و أن 9% فقط منهم شهدوا تحولات “كبيرة جدا” في مستوى سعادتهم خلال الـ 17 عاماً!
.
الآن.. ماذا يعني كل هذا؟
هل نستسلم لمستوى السعادة الحالي الذي نعيشه؟
بالطبع لا!
نحن نملك القدرة على تحديد مستوى سعادتنا بنسبة 40% وهذه نسبة ليست بالقليلة أبدا!
شخصيا بدأت أقتنع بالتالي..
أولاً.. يجب أن لا يشغلني البحث عن المزيد من السعادة عن السعادة التي أعيشها حالياً! .. فأنا في الغالب لن أكون أسعد كثيرا مما أن عليه الآن لو أصبحت أكثر مالاً أو أعلى منصباً!
ثانياً.. يجب أن أبحث عن مفاتيح السعادة الخاصة بي! .. فالتخلي عن محاولة زيادة مستوى السعادة من خلال عامل (الأفعال الإرادية) يعني استسلاماً للظروف والعوامل الخارجية لتحدد سعادتي في عمري القصير في هذه الحياة..
وبالمناسبة فإن السعادة الناشئة عن أسباب اجتماعية (كإسعاد الآخرين أو الحب أو الزواج أو إنجاب الأطفال) هي أبقى وأكثر قدرة على رفع مستوى السعادة من السعادة الناشئة عن أسباب مادية صرفة (كإبتياع مجوهرات أو سيارة فارهة).. وذلك بحسب أبحاث الباحث هيدي..
ثالثا: السعادة نسبية.. فقمة السعادة لدى شخص ما قد تمثل مستوى منخفض من السعادة لدى شخص آخر! .. فعامل الجينات يحد من المستوى الأقصى من السعادة الذي يمكن أن نصل إليه! .. و عليه يجب أن لا نقارن سعادتنا بسعادة الآخرين!
بالمناسبة هناك مبحث في هذا الموضوع يسمى Hedonic Relativism (أو نسبية المتعة).
.
.
كن سعيداً الآن.. لا تنتظر سعادة أكثر في المستقبل.. و حاول أن تحصل على الـ 40% كاملة!
من عوامل السعادة في حياتي.. بعدستي..
Audio clip: Adobe Flash Player (version 9 or above) is required to play this audio clip. Download the latest version here.
شوكرن
_______________________________
معليش يا عزتي لك.. لازم تسجل دخولك عشان يمديك تسدح تعليقات.
تدوينه جميلة تحمل كلام رائع
ودراسات منطقية
اعجبني كلامك كثير خصوصا
يجب أن لا يشغلني البحث عن المزيد من السعادة عن السعادة التي أعيشها حالياً!
فعلا الرضا بالواقع هو من اسباب السعاده التي نعيشها
مشكور يادكتور
الدراسات في البدايه حطمتني
بس بعدين كلامك اخر شي كان رائع
يعني خاتم من تيفاني رح يسعدني اسبوع وبعدين رح ارجع زي اول ، خلاص مني ميته
يعطيك العااااافية
مبدع اخوي مولي تحياتي
ماشاء الله تدوينة رائعة
مايجي منك الا الزين ،مافي تدوينه قريبة عن اماكن تاريخية زرتها :'(
السلام عليكم
أخي موليكيلو أنا أقدر انك واحد مثقف ومتعلم وما بتحكم على كلامي قبل ما تقراه للاخير ..
لا تقول انا شيخ ومادري شو وكلامي خرابيط
انت تعرف مثل ما أنا أعرف ان في الغرب ما فيه حد حتى الآن يعرف معنى السعادة الحقيقي
ربنا خلق العباد والحياة وخلق الأساليب الي تؤدي الى السعادة في الدنيا والآخرة ..
بالله عليك لو صنعت سيارة على طريقة معينة وكنت انت الوحيد اللي تعرف طريقة تشغيلها وجاك خمسين ألف واحد وحاول يشغلها كيف بتشتغل ؟.. ما بتشتغل إلا لما حد يشغلها بنفس طريقتك اللي صنعتها فيها ..
وهاذي النفس البشرية .. ما بتسعد الا لما تشتغل بنفس الطريقة اللي ربنا خلقها عليها
أعتقد انك سمعت لكثير من الموسيقى الحزينة والمفرحة وأنواع كثيرة ..
طيب هل أنت مستعد تعطيني وعد انك تسمع للشيخ عبد الباسط عبد الصمد المصحف المجود فقط 15 دقيقة من أول سورة آل عمران .. شو رايك تجرب مدام انك مجرب أشياء كثيرة للسعادة .. أتمنى انك تلبي طلبي ..
ما أريد أطول عليك شو رايك تسمع قول أحد المشايخ اللي ربما تشفق عليه لما تشوفه وتقول هذا ما يعرف الحياة .. قال : لو يعلم الملوك ما نحن عليه لقاتلونا عليها بالسيوف.
استمتعت كثيراً وأنا أقرأهذه التدوينه وبكل ماورد فيها من دراسات وتحليلات جعلتني أعيد النظر في كل لحظه بحثت فيها عن السعادة او توهمتها على الأقل .
السعاده موجودة في حياتنا ان وجد الرضا التام بكل ما قسمه الله لنا ..
والأن لا أعتبرها حلقه المفقوده ..
بإمكان ابسط الأشياء ان تسعدني
آمنت بقولك يجب ألا يشغلني البحث عن المزيد من السعاده عن السعادة التي أعيشهاحالياً
شكراً لمنطقك الجميل
على اني من المهتمين حيل بتطووير الذات وكتبه وكل شي عنه
بس م مرو علي ها المعلومات
,,,,,,,, ال 40% هاذي تطوير الذات يعلمني كيف ادربهآ
على السعاده وكيف اواجه العوامل الخارجيه اللي تخفض مستواها
وكل م فهم الانسان ذاته وما كان جاهل فيه كلما عاش مرتاح
وسعيد عن تجربه الجهل بذات ضيااع
ي رب الجميع يعيشو بسعاااده شكرآ لك ننتظر جديدك

مرحبآ مولي .. آنآ آنشد كثيرآ لتدوينتك كونهآ مميزهـ عن بآقي آلتدوينآت .. آلآ آنني ضد هآذي آلتدوينه عزيزي مولي .. ف كل آنسآن يجب آن يصنح آلسعآدهـ ذآته ويحققهآ .. صح آنه بيرجع آلى نفس مآكآن عليه وزي مآتفضلت بيرجع لوضعه آلطبيعي آذآ طمع بشي آكبر .. بس لو عآد لوضع سعآدته آلسآبق وآرآد آلمزيد هذآ مآيسمى بآلطموووح فآسسعدو آنفسكم كثيرآ لآنه سوف يولد لديكم آلطموح وهذآ ممآيعني آنكم سوف تنجزون آفضل .. تحيآتي عزيزي مولي .
sadaecho أوافقك تماما , وأحييك !
الاخوانsadaecho , FAHAD44 : انا مادافع عن موليكلو لانه يعرف يرد وبيرد لكن الموضوع هنا لاهو عن عقيده ولا عن منهج حياة دراسات وابحاث وحاجات حلوه وكويسه ياليتكم تقرون .
ومع ذا الله يجزاكم بالخير بس شوية تركيز يرحم والدينكم .
موضوع رايق يعطيك (جغمة تفائل)
عالقووهـ
Great Job
مدونتك رووعة ولي فترة طويلة أتابعها
بالنسبة للتدوينة صرراحة أضافة لي معنى القناعة الحقيقية
أول أسمع ان القناعة كنز وأعتقدت اني أملكه
لكن بعد هذه التدوينة تأكدت فعلا اني توني ملكته
بالنسبة للأخ sadaecho :
كان ودي لو قريت التدوينة بتمعن وفهم أوسع
أنا معك ان السعادة في الدين ورضا الله
بس مشكلتك انك شطحت خارج الموضوع
التدوينة تضيف لك فكرة موجودة كنت غافل عنها
بغض النظر عن مصدر سعادتك كان روحانيآ أم ماديآ
لأن هذا موضوعنا .
مبدع كعادتك .. استمتعت جدا بالقرآءة..
سلام

انا لا اعرف ماذا اقول فقد اثرت في مشاعري مدونتك لطالما كنت اقول في نفسي السعادة لا تؤتى بالاموال او المناصب لكن اليوم و بفضلك فقد تأكدت بأن كلامي كله كان صحيح شكرا اتمنى انك تشاركنا بالمزيد
وحشتني المدونه
تدوينه رائعه btw
تستحق النشر
انا تأملت مفهوم السعاده كثير ولاخظت بشده ان كل مازاد المال مثلا ارتفع سقف المصروفات ورجع الانسان لنفس مستوى السعاده اللي كان يعيشها تقريبا !