E = mc² .. المعادلة التي غيـَّرت العالم! (II)

E = mc² .. المعادلة التي غيـَّرت العالم! (II)

هذه التدوينة في قسم: موليكيلو يتكلم جد October 23rd, 2008

أكمل لكم اليوم حكاية المعادلة التي قلبت العالم رأسا على عقب.. :)

كنت قد ذكرت لكم في التدوينة السابقة أن ألبرت آينشتاين كان قد هرب من ألمانيا و استقر في الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن خشي على نفسه من تجاوزات النازيين ضد اليهود الألمان..

بعد سنوات من ظهور نظرية آينشتاين عن الكتلة و الطاقة.. أصيب العالم بهوس تحقيق هذه النظرية!
في أمريكا.. ألمانيا.. بريطانيا.. و حتى فرنسا.. أقامت الحكومات معامل ضخمة كلفت مبالغا مَهولة و ذلك بهدف محاولة استخراج الطاقة من الكلتة!
و يجب أن لا نستغرب من ذلك.. هل تفهمون ما معنى تحقيق نظرية آينشتاين؟
يعني ذلك الحصول على مصدر “قوي” للطاقة.. لا يضاهيه مصدر آخر.. بواسطته ستستغني الدول عن النفط و ستطور تطبيقات جديدة و ربما استراتيجية قائمة على هذه الطاقة النوعية!

لكن…. فشلت كل التجارب!
فحتى ثلاثينات القرن الماضي و في خضم الحرب العالمية الثانية.. لم يتمكن أحد من استخراج طاقه من كتلة!
حتى و ان تمكنوا فقد كانت طاقة ضعيفة جدا و أقل بكثير من الطاقة التي استخدمت أصلا لإستخراجها!
و بدأ العالم يفقد الأمل بإمكانية تحقيق هذه النظرية.. حتى آينشتاين نفسه قال حينها جملته الشهيرة:
ان محاولة استخراج الطاقة من الكتلة هي كمحاولة صيد طيور في الظلام..
و في بلد لا يوجد به سوى القليل من الطيور!

بعد سنوات عديدة من فرار ألبرت و استقراره في أمريكا.. نشبت الحرب العالمية الثانية بين ألمانيا و ما كان يعرف بالدول الحلفاء الذين انضمت لهم أمريكا نفسها بعد أن حمي وطيس الحرب..
لكن ألبرت لم يسهم مطلقا في أي جانب مما يعرف بالـ “علوم العسكرية” التي كانت محط اهتمام كل الدول العظمى آنذاك.. إيمانا منه بأن العلم يجب أن لا يسخر في قتل البشر و الإضرار بهم.. و بأن العلم و السياسة لا تربطهما أي علاقة “شريفة”..!

في إحدى ليالي العام 1939م.. تفاجأ ألبرت آينشتاين بزيارة من صديقه العزيز و أحد طلابه الألمانيين القدماء (سزلارد).. و الذي كان أيضا قد فر منذ أعوام من ألمانيا بعد أن شاهد بنفسه فظاعات النازيين ضد اليهود في ألمانيا.. سأصور لكم ما دار بينهم ليلتها بحوار (من تأليفي) لتبسيط ما دار في ذلك اللقاء..

ألبرت: أرى في ملامحك قلقا.. ماذا هناك؟
سزلارد: ألبرت.. علينا أن نتصرف بسرعة.. العالم في خطر!!
ألبرت: هدء من روعك.. ما هو الموضوع؟
سزلارد: E=mc²
ألبرت: ما الجديد بخصوص هذه المعادلة؟
سزلارد: هل تعلم كيف سيصبح العالم ان تمكنت ألمانيا من استخراج الطاقة من الكتلة؟
ألبرت (و هو يضحك): لن يتمكن أحد من ذلك!
سزلارد: أنا تمكنت!!
ألبرت (مذهولا): ماذا!!!!!؟
سزلارد: و بما أني تمكنت من ذلك.. هذا لا يجعل الأمر مستحيلا على زملائنا العلماء في ألمانيا.. فلقد درسنا و تلقينا العلم في نفس الجامعات و بنفس المراكز البحثية! .. يجب ان نتصرف يا ألبرت.. العالم في خطر!
ألبرت: كيف تمكنت من ذلك؟
سزلارد: تمكنت من قسم ذرة اليورانيوم بعد تحفزيها و أضافة نيوترونات.. و حين تنقسم الذرة إلى ذرتين فإن جزء من كتلة الذرة يتحول طاقة مَهولة!!
ألبرت: يا إلهي!
سزلارد: ليس هذا فقط.. عندما تنقسم ذرة اليورانيوم فالانقسام يشمل جميع الذرات الباقية.. كمتسلسة.. كعدوى تصيب كل ذرات الكتلة.. فتزداد الطاقة الناتجة بشكل متسارع و مخيف!
ألبرت: الأمر مخيف فعلا!
سزلارد: لقد عرفت من بعض الزملاء في ألمانيا.. بأن ألمانيا تسعى لصنع قنبلة ذرية بإستخراج الطاقه من الكتلة.. ستمحي ألمانيا العالم!
ألبرت: و ما الحل في نظرك؟
سزلارد: أن نسبقهم و نصنع قنبلة ذرية قبلهم!
ألبرت: ماذا تقول!!


آينشتاين و سزلارد

اقترح سزلارد و الذي كان خائفا و بشكل كبير من أن تتمكن ألمانيا من صنع قنبلة ذرية.. اقترح على ألبرت و بحكم مكانته العلمية المرموقة.. أن يراسل الرئيس الأمريكي حينها (روزفلت) و يخبره بالأمر.. و يعرض عليه المساعدة لصنع قنبلة ذرية أمريكية و بأقصى سرعه!

رفض آينشتاين ذلك بشده.. و وبخ تلميذه مذكرا اياه بأن العلم يجب أن لا يكون سببا في تدمير البشرية.. و أن العلم هو مصدر حياة لا مصدر موت.. و أخبره بأن ذلك مستحيل..!

إلا أن سزلارد قام بتذكير آينشتاين بما عمله النازيون في ألمانيا.. و ما الذي يمكن أن يفعلوه بالعالم في حال تمكنوا من صنع قنبلة ذرية.. و ردد بإلحاح بأن الموت أحيانا هو أمر لابد منه لضمان الحياة!
اقتنع آينشتاين على مضض.. و طلب من سزلارد أن يساعده في كتابة الرسالة إلى الرئيس الأمريكي.. و بالفعل تمت كتابتها في نفس الليلة و في مقر إقامة آينشتاين.. ليوقعها آينشتاين و بتردد كبير:

Yours very truly
Albert Einstein

 


صورة الرسالة التاريخة من آينشتاين إلى الرئيس الأمريكي (روزفلت)

.
.

وصلت الرسالة إلى البيت الأبيض خلال يومين.. و لأنها من ألبرت آينشتاين.. و لأنها تتحدث عن أسلحة ممكنة في يد الألمان.. حازت الرسالة على اهتمام بالغ من الرئيس الأمريكي.. الذي أمر على الفور بتشكيل معامل ضخمة مهما كلفت من مبالغ طائلة للعمل على تصنيع قنبلة ذرية و بأسرع وقت ممكن!!

رفض آينشتاين العمل أو المساعدة في صنع القنبلة الذرية الأمريكية، و اعتبر أنه أدى مهمته كاملة بإطلاع الرئيس الأمريكي على الموضوع.. إلا أن صديقه سزلارد ساهم و بشكل فعال و مباشر في تصنيع القنبلة الذرية..

و خلال سنوات قليلة.. فعلتها أمريكا.. تم صنع أول قنبلة ذرية في العالم!

لكن بعد ذلك بأشهر قليلة.. و تحديدا في السابع من شهر مايو من العام 1945م.. استسلمت ألمانيا للحلفاء!
و بذلك تلاشت مخاوف الجميع من أن تسبق ألمانيا الولايات المتحدة الأمريكية في صنع القنبلة الذرية..
و من أجل ذلك.. قام آينشتاين و سزلارد و غيرهم.. و بسذاجة العلماء و بساطتهم.. قاموا بارسال رسالة إلى الرئيس الأمريكي (ترومان) يطلبون منه إتلاف القنبلة الذرية أو على الأقل التعهد بعدم استخدامها مطلقا.. فألمانيا خسرت الحرب و لم يعد هناك أي حاجة إلى ذلك!

أعتقد أني في غنى عن أن أخبركم بأن طلبهم هذا رفض تماما.. و ربما بسخرية بالغة!

بعد أشهر قليلة من ذلك اليوم.. و تحديدا في السادس و التاسع من شهر أغسطس في العام 1945م.. قامت أمريكا و بأمر من رئيسها.. بإرتكاب “أفظع” جريمة تصفية بشرية في التاريخ الإنساني.. و ذلك بإلقاء قنبلتين ذريتين على مدينتي (هيروشيما) و (ناجازاكي) اليابانيتين.. لتقتل مئات الآف من البشر في لحظة هلاك واحده.. لم تستثني أحدا.. قتلت الكبير و الصغير.. و أحرقت الأخضر و اليابس في عمل بشع ينم عن غطرسة كبيرة و احتقار شديد لقيمة الإنسان من دولة كانت تدعي حينها أن تحارب قوى الشر في العالم!

بحثت لكم عن صور لهذه الحادثة المأساوية فوجدت العديد منها.. لكن هناك صورة واحدة قد تغني عن أي صورة أخرى.. صورة واحدة ستريكم كيف تلاشت مدينة كاملة بأناسها و حيواناتها و أحجارها و أشجارها.. في لحظه!
صورة واحدة.. ستريكم و بوضوح بأن  E = m c² ..!


مدينة ناجازاكي.. قبل و بعد!

أصبح العالم الآن.. عالما آخر.. عالمٌ تحكمه القوه.. تحكمه أمريكا!
و حمـَّل الكثيرون آينشتاين مسؤلية ما حدث……!


غلاف لمجلة التايم الشهيرة و لا أظنه يحتاج لتعليق

.
.

ما حدث كان فظيعا.. و يقال أن آينشتاين كاد أن يموت من حنقتة حين سمع بالخبر.. و ندم ندما شديدا على رسالته المشؤمة للرئيس الأمريكي.. و تمنى لو أنه كان بإمكانه استشراف المستقبل و معرفة أن ألمانيا لم تكن لتصنع قنبلة ذرية قبل أن تخسر الحرب..
يقول آينشتاين:

I made one mistake in my life when I signed that letter to President Roosevelt advocating that the atomic bomb should be built. But perhaps I can be forgiven because we all felt that there was a high probability that the Germans were working on this problem and would use the atomic bomb to become the master
… race

بقي آينشتاين نادما على ذلك بقية سنوات عمره.. بل أنه خصص ما تبقى من عمره للدعوه إلى السلام و انهاء الحروب.. حتى أن آخر الأعمال التي قام بها في حياته كانت بادرته و رسالته الشهيرة إلى رؤساء العالم و التي كان يدعوهم فيها لأنهاء الحروب و تطوير الأسلحة..

.
.

مات آينشتاين و هو يعتقد ان نظريته الشهيرة كانت مميته.. و أن لها جانب وحيد.. جانب مظلم!
مات قبل أن يعرف أن نظريته لها جانب آخر.. جانب مضيء.. جانب حياه!

فنظريته الشهيرة ساعدت العلماء كثيرا في تفسير ظواهر عدة وقف أمامها العقل البشري عاجزا لألوف السنين.. و الطاقة النووية نفسها.. تم تطويعها لخدمة البشرية.. حتى أن دولة مثل فرنسا تعتمد بنسبة 80% على الطاقة النووية في توفير الكهرباء لقاطنيها.. و بأسعار رمزية مقارنة بباقي دول أوروبا!

.
.

بالمناسبة.. آينشتاين أخذ الدكتوراة و هو عمره 27 سنه.. يعشق الموسيقى.. و الغليون ما يفارقه!
أنا دكتور و عمري 27 سنه.. أعشق الموسيقى.. و ما أصبر بدون بسكوت الشاي!
ظنكم فيه أمل؟ :mrgreen:


صورة جمعتني بآينشتاين.. بس في متحف الشمع! :)

 .

أبختم بصورة و مقولة شهيرة لآينشتاين..


النصب الشهير لمعادلة آينشتاين في ألمانيا

أنا لا أعرف الأسلحة التي ستسخدم في الحرب العالمية الثالثة.. لكني متأكد من أن أسلحة الحرب العالمية الرابعه ستكون العصي و الأحجار
ألبرت آينشتاين

Audio clip: Adobe Flash Player (version 9 or above) is required to play this audio clip. Download the latest version here.

شوكرن :)

_______________________________



  

Responses to “E = mc² .. المعادلة التي غيـَّرت العالم! (II)”

  1. anosah
  2. NOLY
  3. be7ar
  4. SKY
  5. NANO
  6. NORA
  7. Reem
  8. S.A.L.M.A.N
  9. S.A.L.M.A.N
  10. Rnim_Fahad
  11. Rana
  12. rawan abdulaziz
  13. angel

ورى ما تسدح تعليق؟ .. ترى ببلاش..

معليش يا عزتي لك.. لازم تسجل دخولك عشان يمديك تسدح تعليقات.